معرفة

مفاهيم الجودة أساس لتوحيد الجهود

مفاهيم الجودة أساس لتوحيد الجهود

مفاهيم الجودة أساس لتوحيد الجهود 
الأحد 27 رجب 1433 هـ , 17 يونيو 2012
محمد بن علي الغامدي
مفاهيم الجودة ..أساس لتوحيد الجهود ([1] )
 
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
الأخذ بمفاهيم الودة في تنفيذ كل ما يوكل للمرء من أعمال، مطلب شرعي، ويتعين على المسلم أن يجعله جزءاً من ممارسته الدائمة لأعماله؛ وذلك أن الله جل جلاله أمر بإحسان العمل وجعل المعول عليه في التفاضل بين الناس قال تعالى( تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شئ قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور ) .وفي السنة المطهرة من أحاديث المصطفي عليه الصلاة والسلامما يدعو لإتقان العمل وإجادته .
في هذه الورقة سوف أتناول تعاريف الجودة حسب ما أوردها منظروها والتي تركز في مجملها على إرضاء المستفيدين من الخدمة وتقديم الخدمات في هيئة إن لم تكن تزيد على متطلبات المستفيد، فعلى أقل تقدير تفي باحتياجاته وتطلباته، إضافة إلى ذلك فإن مفاهيم الجودة مبنية على حسن أداء الأعمال بصورة صحيحة من أول مرة وكل مرة . 
والجودة كذلك لا تقبل العيوب في أي جانب من جوانب الخدمة المقدمة؛ وتعد ذلك قصوراً يلزم البحث عن أسبابه وتلافيها قبل حدوثها.
ومما يوجب النظر إلى هذه القضية بعين فاحصة ما ثبت لدى الباحثين في هذا المجال من أن ما يصل إلى نصف ميزانية مصاريف برامج الجودة في المنشأة يذهب هدراً في تصحيح أخطاء داخلية ارتكبت أثناء أداء الأعمال وفي تصحيح أخطاء لمخرجات
المنشأة وما يتبع ذلك من ضرورة إعادة تلك الأعمال وانعكاساته على سمعة المنشأة ومركزها التنافسي بين مثيلاتها التي تشاركها في تقديم الخدمات نفسها.
ومحك هذا كله يدور حول الإنتاجية ودعمها والتي لا تتحقق إلا بالعناية الفائقة بمقدمي الخدمة والتركيز على تأهيلهم بالتدريب وتعهدهم بالتطوير لتلافي نوعي الأخطاء المشار إليها في الفقرة السابقة؛ هذه الإنتاجية التي تشبع رضا العاملين وتحقق رضا المستفيدين.  
وضع البرامج التي تعالج بها مفاهيم الجودة، والأخطاء التي تسبب عدم رضا المستفيدين من الخدمة التي تقدمها لهم الجهات الخيرية لهو أساس في توحيد الجهود ويتحقق هذا الهدف بإتباع جميع الجهات للمبادئ نفسها التي تتبناها برامج الجودة الأمر الذي يضمن السير في الاتجاه نفسه نحو هدف مشترك هو خدمة المستفيدين وعدم الإهمال أو الإغفال لحاجياتهم، ومع أن البيئات التي تعمل فيها الجهات الخيرية قد تختلف في بعض ملامحها، وبناء عليه تختلف احتياجات الشرائح المستهدفة بأعمال هذه الجهات، إلا أن الأخذ بمبادئ الجودة تحقق حسن التعامل مع هذه المتغيرات لضمان رضا المستفيدين، وبهذا يتحقق توحيد جهود جميع الجهات العاملة دون ازدواجية أو تضارب في الأهداف والتنفيذ.               
مقدمة :
تعد جودة العمل وإتقانه في كل شئون الحياة أساساً من أساسيات ديننا الحنيف؛ إذ ورد الأمر بذلك في غير ما مناسبة في كتاب الله تعالى وفي سنة نبيه محمدعليه الصلاة والسلام.
ولقد أرشد سبحانه إلى أن صفتي الحفظ والعلم أساس لنجاح العامل في عمله وسبيل جودة العمل وإتقانه قال تعالى:( قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ). وأورد سبحانه في آية أخرى أهمية التحلي بصفتي القوة والأمانة في كل من يسند إليه عمل ..قال تعالى:  ( قالت إحداهما يا أبتي استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين). .ومدار كل هذه الصفات يدور حول إحسان العمل وإجادته، إذ العبرة ليست بكثرة العمل بقدر ما هو يحسنه، قال تعالى: ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور ).
وعلى السياق نفسه يأتي تأكيد السنة المطهرة .. فقال عليه الصلاة والسلام :" إن الله كتب الإحسان على كل شئ ". وقال عليه الصلاة والسلام :" لا تكونون إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا ".        
 
تعريف الجودة :
يمكن تلخيص تعريف الجودة في كلمة واحدة(الإحسان ) ومن هذه الكلمة صاغ علماء العصر والمشتغلون بعلم الجودة تعريفاتهم في صيغ كثيرة من أهمها ما يلي:
يعرف ( جوران) الجودة بأنها ( الملائمة للاستخدام ) أي كلما كانت الخدمة أو السلعة المصنعة ) ملائمة لاستخدام المستفيد كلما كانت جيدة .
ويعرفها ( كروسي) بتعريف يشترط فيه ثلاثة شروط لتحقيق الجودة:
-       الوفاء بالمتطلبات.
-       انعدام العيوب.
-       تنفيذ العمل بصورة صحيحة من أول مرة وكل مرة.
ويعرفها ( ديمنج ) بتعريف مختصر ولكنه يكاد يجمع التعريفين إذ يقولان: الجودة هي تحقيق احتياجات وتوقعات المستفيد حاضراً ومستقبلاً.
مفاهيم الجودة:
المفهوم القديم ويركز اهتمامه حول الخلو من العيوب. أي أنه ينظر إلى الجودة من منظور مقدم الخدمة فإذا قدمت خدمة تكون في نظر مقدم الخدمة خالية من العيوب ،فإنها حسب هذا المفهوم تكون عندئذ خدمة ذات جودة.
المفهوم الحديث ينطلق من مفهوم الوفاء بمتطلبات المستفيد. وهذا المفهوم هو ما انبعث من النظريات الحديثة للجودة والتي نوجزها فيما يلي:
أولاً:إدارة الجودة الكلية:
لتقريب مفهوم إدارة الجودة الكلية إلى الأذهان يلزم معرفة دلالة كل من كلماتها الثلاث ( إدارة –جودة – كلية ):
الإدارة: تشمل محاور الإدارة الأربعة التي تبدأ بالتخطيط ثم التنظيم ثم التوجيه ثم المتابعة وتطبيق هذه المفاهيم على برامج الجودة.
الجودة: كما نص على ذلك المفهوم الحديث بكونها الوفاء بمتطلبات المستفيد.
الكلية: لأنها تهتم بمراجعة جميع جزئيات العمل مهما كانت دقيقة .
ثانياً: المعادلة الصعبة:
لإدارة الجودة ثلاثة محاور أساسية:تحسين الجودة، وتخفيض التكلفة، وزيادة الإنتاجية. ولكل من هذه المحاور أساليب يلزم الإتيان بها وهي كما يلي:
أ- تحسين الجودة وتتم بإتباع ما يلي :
1-         التزام الإدارة العليا بتطبيق مفاهيم الجودة.
2-         التخطيط الاستراتيجي للجودة.
3-         تقبل مفاهيم الجودة.
4-         المشاركة والتمكين.
5-         التدريب.
6-   تحفيز المستفيدين لإبداء مرئياتهم.
7-   منع الأخطاء قبل وقوعها.
8-   التحسين المستمر.
9-   التركيز على المستفيدين .
10- القياس والتحليل
ب- تخفيض التكلفة:
لتكلفة الجودة محوران أساسيان:
- تكلفة إيجابية وتستحوذ على ما يصل إلى 50% من ميزانية الجودة، وتنقسم إلى قسمين:
1- تكلفة وقائية وتتمثل في تعيين مستشارين وموظفين لتنسيق برامج الجودة.
2- تكلفة التقويم وتنصب على برامج التقويم الداخلي التي تتم من داخل الجهة، أو التقويم الخارجي الذي يتم من خارج الجهة عن طريق هيئات متخصصة لمراجعة وتقويم الجودة.
- تكلفة سلبية وتستنزف ما يصل إلى 50% من ميزانية الجودة وتنقسم إلى قسمين:
1- تكلفة العيوب والأخطاء الداخلية التي تحدث أثناء تأدية العمل.
2- تكلفة العيوب والأخطاء الخارجية التي تكتشف بعد الانتهاء من الأعطال المطلوب إنجازها.
ج –زيادة الإنتاجية :
حتى يتسنى لنا رفع الإنتاجية يتعين علينا القيام بما يلي:
1.      حسن اختيار الموظفين لكل وظيفة مهما كان موقعها في الهيكل التنظيمي للجهة.
2.      الدقة في وضع الموظف المناسب في المكان المناسب.
3.      تحديد مستوى الإنتاجية المستهدف من كل عملية وذلك بالتنسيق بين العاملين ورؤسائهم المباشرين.
4.      متابعة تنفيذ الأعمال ومقارنة نتائجها بالأهداف الموضوعة سلفاً.
أركان إدارة الجودة الكلية :
1.      ضرورة تبني الإدارة العليا لمفاهيم الجودة وإعطائها الأولوية المناسبة.
2.      البحث عن السبل الكفيلة بالتحسين المستمر لأداء الأعمال.
3.      تقصى رغبات المستفيدين وتطلعاتهم.
4.      التركيز في تطبيق مفاهيم الجودة على مراحل العمل وليس فقط على الخدمة النهائية.
5.      تطبيق مبدأ فريق العمل.
6.      إشراك الموظفين في الجهود الخاصة بتحسين الجودة ابتداء من المراحل الأولية.
7.      تطبيق المنهج العلمي في تحليل المشكلات واتخاذ القرارات
8.      التأكيد على وجوب التمييز بين جهود الفرد وجهود الجماعة.
معالم توحيد الجهود من جراء تطبيق مفاهيم الجودة :
أولاً: إرضاء العاملين ويتم تحقيق ذلك بإتباع ما يلي:
1.      إسناد المهام المناسبة لهم.
2.      إشراكهم في المراحل الأولى لبرامج الجودة.
3.      تدريبهم على كيفية تحسين أعمالهم.
4.      زرع الثقة فيهم لحل مشكلات العمل واتخاذ القرارات المناسبة لها.
5.      تشجيعهم على طرح آرائهم أمام الإدارة للبت فيها.
ثانياً: إرضاء المستفيدين ويتم تحقيقها بإتباع ما يلي:
1.      تحديد النطاق الجغرافي للجهة.
2.      تحديد الفئة المستهدفة لخدمات الجهة.
3.      وضع معايير دقيقة للحالات المستحقة.
4.      التعاون مع جميع الجهات المانحة.
5.      إيضاح نظام المساعدات لجميع المستحقين.
6.      تحديث معلومات المستفيدين باستمرار.
7.      حصر آراء المستفيدين باستمرار عن خدمات الجهة ومعالجة السلبيات قبل تفاقمها.
8.      رصد احتياجات المستفيدين بدقة وبصورة دائمة.
فوائد تطبيق مفاهيم الجودة:
1.      الإقلال من الأخطاء.
2.      الإقلال من الوقت اللازم لإنهاء المهام.
3.      الاستفادة المثلي من الموارد المتاحة.
4.      الإقلال من عمليات المراقبة.
5.      زيادة رضا المستفيدين.
6.      زيادة رضا العاملين.
7.      الإقلال من الاجتماعات غير الضرورية.
8.      لتحديد المسئولية وعدم إلقاء التبعات على الآخرين.
عوائق تطبيق مفاهيم الجودة:
1.      ضعف المتابعة الإدارية على الإدارات والأقسام.
2.      نقص الخبرة الإدارية لدى المسئولين.
3.      عدم قدرة بعض الرؤساء على اتخاذ القرار.
4.      ضعف التنسيق بين الأجهزة ذات العلاقة.
5.      عدم وجود الموظف المناسب في المكان المناسب.
6.      عدم فهم المسئولين للمتغيرات الداخلية والخارجية.

 
________________________________________
([1] )  ملخص ورقة بحث مقدمة في اللقاء السنوي الأول للجهات الخيرية بالمنطقة الشرقية.                                                                                              
 


 
الكاتب :محمد بن علي الغامدي